الفصل العاشر – عبادة الله بلا خوف
«خافوا اللهَ وَمَجِّدُوهُ، فَقَدْ حَانَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ. اسْجُدُوا لِمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَالْيَنَابِيعَ».
هذا هو النداء الأول من الملائكة الثلاثة في رؤيا ١٤ (انظر الآيات ٦-١٢). وهو وصف بأنه «مَلاَكاً آخَرَ يَطِيرُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ، مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ يُبَشِّرُ بِهَا أَهْلَ الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلُغَةٍ وَشَعْبٍ»
هذا الإنجيل هو الأخبار السارة الأبدية بأن الله ليس من النوع الذي جعله الشيطان ليكون تعسفي، بلا رحمة، وقاسي. هو، بدلا من ذلك، أب المحبة السماوية جاء يسوع ليكشف. على الرغم من أنه مهيب في جلالته وسلطته، فهو كريم بلا نهاية تجاه كل شعبه، وخصوصا أطفاله الجامحة على هذه الأرض.
كيف يمكن للملاك يحمل مع مثل هذه الأخبار السارة أيضا التحدث من الخوف والحكم؟ هل أبينا المحب يدعو أولاده بعبادته مع الخوف؟
يدرس يوحنا أنه عندما يأتي رجل لمعرفة وقبول الحقيقة عن الله، فإنه لم يعد يخاف. إنه يتوقع حتى يوم القيامة دون خوف! هنا ليست سوى بعض الجمل من وصف يوحنا ما هذه الحقيقة والضوء يمكن القيام به للشخص الذي يختار أن يصدق:
«أنظُروا كم أحَبّنا الآبُ حتى نُدعى أبناءَ اللهِ، ونحنُ بِالحقيقَةِ أبناؤُهُ».
«وكُلّ مُحِبّ مَولودٌ مِنَ اللهِ ويَعرِفُ اللهَ مَنْ لا يُحِبّ لا يَعرِفُ اللهَ، لأنّ اللهَ مَحبّةٌ. واللهُ أظْهَرَ مَحبّتَهُ لنا بأنْ أرسَلَ اَبنَهُ الأوحَدَ إلى العالَمِ لِنَحيا بِه».
«اللهُ مَحبّةٌ. مَنْ ثَبَتَ في المَحبّةِ ثَبَتَ في اللهِ وثَبَتَ اللهُ فيهِ. واَكتِمالُ المَحبّةِ فينا أن نكونَ واثِقينَ يومَ الحِسابِ، فنَحنُ في هذا العالَمِ مِثلَما المَسيحُ في العالَمِ. لا خَوفَ في المَحبّةِ، بَلِ المَحبّةُ الكامِلةُ تَنفي كُلّ خَوفٍ، لأنّ الخَوفَ هوَ مِنَ العِقابِ، ولا يَخافُ مَنْ كانَ كامِلاً في المَحبّةِ» (١ يوحنا ٣ :١؛ ٤ :٧-٩، ١٦-١٨).
لماذا، إذن، الملاك الأولى يدعونا لنخاف الله؟
في مناسبات عديدة في الكتاب المقدس كلمة الخوف لا تعني «الإرهاب»، بل «التوقير» أو «الاحترام». ويشار عادتا إلى المعنى المقصود من قبل السياق.
في المزمور الثالثة والعشرين، تغني داود من حريته من الخوف أن الرب الآن هو راعيه. «لو سِرتُ في وادي ظِلِّ الموتِ لا أخافُ شَرًّا، لأنَّكَ أنتَ معي» (مزمور ٢٣ :٤، طبعة الملك جيمس). هنا يستخدم على ما يبدو داود كلمة الخوف على أنها تعني «الرعب» أو «القلق». ترجمة الأخبار السارة يجعل هذه الآية المفضلة، «حتى لو ذهبت من خلال أعماق الظلام، فأنا لن اخاف، يا رب، لأنك أنت معي».
يتم استخدام نفس الكلمة المترجمة «الخوف» في المزمور ١٢٨. «هنيئا لِمَنْ يَخافُ الرّبَّ ويَسلُكُ في طُرُقِهِ. إذا أكَلْتَ مِنْ تَعبِ يَدَيكَ، فَلَكَ الهناءُ والخَيرُ» (الآيات ١، ٢). هنا الكلمة تعني بوضوح «التقديس»، لأنه يمكن أن لا يكاد أن يقال أن الناس الخائفين سعداء! وترجمة الأخبار السارة تفسر نفسه المقطع: «سعيد هو الشخص الذي لديه تقديس للرب».
ومن هذا المنطلق نفسه الذي تدرس سليمان أن «بَدءُ الحِكْمةِ أنْ تخافَ الرّبَّ» (الأمثال ٩ :١٠). وهذا يعني، «أن تكون حكيما يجب أن توقير أولا الرب»( ترجمة الأخبار السارة).
الله لديه الكثير ليعلمنا. ولكن ما لم نكن على استعداد للوقوف باحتراما وبهدوء في وجوده، فلا نسمع صوته وهو يتحدث. كل معلم يعرف أن ما لم يكن هناك احترام ونظام في الغرفة، كل تعلم قليل يمكن أن يتم.
في وقت مبكر من سجل الكتاب المقدس جاء إلى أسفل الله على جبل سيناء للتحدث إلى شعبه. اهتز الجبل كله في وجود الرب. كان هناك الرعد والبرق والنار والدخان، وصوت البوق بصوت عال جدا. وقال الله لموسى: «إيَّاكُم أنْ تصعَدوا الجبَلَ أو تَمَسُّوا طرَفَهُ، فكُلُّ مَنْ مَسَّ الجَبلَ يُقتَلُ قَتلا مِنْ دونِ أنْ تَلمَسَهُ يَدُ أحدٍ يُرجَمُ رَجْما أو يُرمى بالسِّهامِ، سَواءٌ أكانَ بهيمَةً أمِ انسانا فلا يحيا، أمَّا عِندَ صوتِ البوقِ، فيجوزُ للبعضِأنْ يصعَدوا. ليَنظروا إليَّ فيَهلِكَ مِنهُم كثيرونَ» (انظر سفر الخروج ١٩ :١٠-٢٥).
كانوا الناس خائفين. «ارْتَجَفُوا خَوْفاً وَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ، وَقَالُوا لِمُوسَى: «كَلِّمْنَا أَنْتَ بِنَفْسِكَ فَنَسْمَعَ، لِئَلاَّ نَمُوتَ إذَا ظَلَّ اللهُ يُخَاطِبُنَا» (سفر الخروج ٢٠ :١٨، ١٩).
ولكن طمأن موسى الشعب بأنه لا يوجد حاجة للخوف. عرف موسى الحقيقة عن الله. على الرغم من أنه اقترب دائما له بأعمق الخشوع والرهبة، لم يكن خائفا. واعتاد الناس على الوقوف في أبواب خيمتهم ومشاهدة موسى يذهب في لقاء الله في الخيمة. وهناك يتكلم الرب لموسى «وَجْهاً لِوَجْهٍ كَمَا يُكَلِّمُ الإِنْسَانُ صَاحِبَهُ» (خروج ٣٣ :١١).
فكر كيف بلا خوف ولكن بوقار رد موسى على عرض الله على التخلي عن إسرائيل وجعل أمة عظيمة منه بدلا منهم (انظر العدد ١٤ :١١-١٩).
على طول الطريق من مصر إلى سيناء كان الشعب يتذمر ويشتكى، ينسى خلاص المعجزة في البحر الأحمر وتوفير الله السخية من الماء والغذاء. كيف يمكن الله كسب الاهتمام من مثل هؤلاء الناس والاحتفاظ بها لفترة كافية ليكشف أكثر من الحقيقة عن نفسه؟
هل يتحدث بهدوء للشعب، في «صَوتٌ هادِئٌ خَفيفٌ»، كما أنه سيتحدث في سنون فيما بعد لإيليا في فم المغارة (١ ملوك ١٩ :١٢)؟ هل يجلس ويبكي على اسرائيل كما سيكون بعد عدة قرون، يجلس على جبل آخر ويبكي على شعبه في القدس؟ (انظر لوقا ١٩ :٤١-٤٤؛ ١٣ :٣٤).
يمكن فقط لعرض درامي لجلالته وسلطته أن تحظى بالتقديس من ذلك الحشد الذي لا يهدأ في البرية. ولكن ما هو الخطر الذي سيتعرض بالتالي به الله بذلك من أن يساء فهمه على أنه الإله المخيف، تماما كما ادعى الشيطان له أن يكون! أليس هذا أن يكون اللعب مباشرة إلى أيدي عدوه في الصراع العظيم؟
ولكن كانت سواء القيام إما من هذه المخاطر أو يفقد الاتصال مع شعبه. والرب ليس على استعداد لترك شعبه يموت، بدون سابق تعليمات وتحذير. كان على استعداد بالقيام بخطر من أن يخشى مؤقتا، حتى أن يكره، بدلا من أن يفقد الاتصال مع أولاده.
يجب على الآباء والمعلمين أيضا أن يكونوا قادرين على فهم هذا الخطر. تخيل نفسك مدرس صف ابتدائي المعروف بالكرامة والاتزان. في كل سنواتك المبذولة من التدريس لم تجد أبدا أنه من الضروري أن ترفع صوتك لتلاميذك الصغار. ولكن الآن أبلغك مدير المدرسة للتو بشكل عاجل عند الباب بأن المبنى مشتعل بالنار ويجب توجيه الأطفال إلى مغادرة الغرفة بأسرع ما يمكنهم.
التفت وبهدوء أعلنت أن المبنى يشتعل بالنار. ولكن كانت الغرفة صاخبة جدا عقب الحماس من عطلة. لا أحد يلاحظ أنك كنت واقفا أمامهم. بدافع الحب لغرفتك المليئة بأطفالك، هل تكون على استعداد لتصرخ؟ فشلت حتى الان في الحصول على انتباههم، هل كنت تهتم بما فيه الكفاية للتسلق على المكتب، ترمي حتى بممحاة أو اثنين؟ قد يلاحظ الأطفال أخيرا هذا المشهد الغير عادي—على ما يبدو المعلم الطيف غاضب لأول مرة، الصراخ والإشارات كما أنها لم يروا ها من قبل! إنهم سوف ينزلقوا مذهولين إلى مقاعدهم، ربما خوفا على ما يرون.
يمكنك القول «الآن، يا أطفال، من فضلكم لا تذهبوا للمنزل وتخبروا آباءكم بأني كنت غاضبا عليكم»،. «كنت أحاول ببساطة الحصول على اهتمامكم. ترون، يا أطفال، المبنى مشتعل بالنار، وأنا لا أريد أن يصب أي واحد منكم. لذلك دعونا نصطف بسرعة والسير من خلال هذا الباب».
أيهما يدل على مزيد من الحب؟ رفض الشخص برفع صوته خشية أن جعل الأطفال تخاف؟ أو القيام بخطر من أن يخشى ويعتقد بأنه غير وقور من أجل إنقاذ الأطفال في رعايتك؟
الكتاب المقدس هو سجل للمخاطر التي كان الله على استعداد للقيام بها من أن يساء فهمها بالتالي، من المدى الذي كان على استعداد للذهاب للبقاء على اتصال مع شعبه، لينحدر والالتقاء بهم حيث هم، ليتكلم اللغة يمكن أن تحترم وتفهم.
يدير هذه المخاطر نفسها في كل مرة أنه يأديب شعبه. «لأنّ مَن يُحِبّهُ الرّبّ «يؤدبه» (عبرانيين ١٢ :٦). ترجمة «يؤدب» تشير فقط لفكرة العقاب. ولكن الكلمة اليونانية لا تقتصر على لهذه. وهي تعني أن «يعليم»، «يدرب»، «يصحح»، «يضبط»، والتي قد تستدعي العقاب في بعض الأحيان، ولكن دائما لغرض التعليم.
وشملت في مجموعة أمثال سليمان تفسير التأديب من غرض الله المحب.
يَاابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ
وَلاَ تَكْرَهْ تَوْبِيخَهُ،
لأَنَّ مَنْ يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ،
وَيُسَرُّ بِهِ كَمَا يُسَرُّ أَبٌ بِابْنِهِ.
—الأمثال ٣ :١١، ١٢
عبرانيين ١٢ :٥-١١ يذكر مثل العهد القديم هذا ومن ثم تحث أبناء الله بعدم إغفال المعنى المشجعة.
فَهَلْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ بِهِ اللهُ بِوَصْفِكُمْ أَبْنَاءً لَهُ؟
إِذْ يَقُولُ: «يَاابْنِي، لاَ تَسْتَخِفَّ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ. وَلاَ
تَفْقِدِ الْعَزِيمَةَ حِينَ يُوَبِّخُكَ عَلَى الْخَطَأِ.
فَإِنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ.
وَهُوَ يَجْلِدُ كُلَّ مَنْ يَتَّخِذُهُ لَهُ ابْناً!»
إِذَنْ، تَحَمَّلُوا تَأْدِيبَ الرَّبِّ. فَهُوَ يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الأَبْنَاءِ: وَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَتَلَقَّوْنَ التَّأْدِيبَ الَّذِي يَشْتَرِكُ فِيهِ أَبْنَاءُ اللهِ جَمِيعاً، فَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ شَرْعِيِّينَ لَهُ. كَانَ آبَاؤنَا الأَرْضِيُّونَ يُؤَدِّبُونَنَا وَنَحْنُ أَوْلاَدٌ، وَكُنَّا نَحْتَرِمُهُمْ. أَفَلاَ يَجْدُرُ بِنَا الآنَ أَنْ نَخْضَعَ خُضُوعاً تَامّاً لِتَأْدِيبِ أَبِي الأَرْوَاحِ، لِنَحْيَا حَيَاةً فُضْلَى؟ وَقَدْ أَدَّبَنَا آبَاؤُنَا فَتْرَةً مِنَ الزَّمَانِ، حَسَبَ مَا رَأَوْهُ مُنَاسِباً. أَمَّا اللهُ، فَيُؤَدِّبُنَا دَائِماً مِنْ أَجْلِ مَنْفَعَتِنَا: لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَطَبْعاً، كُلُّ تَأْدِيبٍ لاَ يَبْدُو فِي الْحَالِ بَاعِثاً عَلَى الْفَرَحِ، بَلْ عَلَى الْحُزْنِ. وَلَكِنَّهُ فِيمَا بَعْدُ، يُنْتِجُ بِسَلاَمٍ فِي الَّذِينَ يَتَلَقَّوْنَهُ ثَمَرَ الْبِرِّ.
أنا أدرك الآن كم قاما والدي بهذا الخطر من أن يساء فهمها في كل مرة يعطيا بعض الانضباط التي تشتد الحاجة إليها. كان المكان المعتاد لإقامة العقوبة في قاعة المدخل الأمامي من منزلينا في انكلترا المكون من طابقين. على أحد الجدران وقفت قطعة من الأثاث طويلة القامة مع مرآة، أماكن للقبعات والمظلات، ودرج في المنتصف لقفازات. كان في الدرج اثنين من الأحزمة الجلدية. في الخيال لا يزال يمكنني من أن أسمع قعقعة المقبض على ذلك الدرج ومن خشخشة الأحزمة التي كما تقوم الأم باختيارها. ثم سوف نمضي معا نحو الدرج.
بعد أن كانت جلست الأم والجاني قد تولى الموقف المناسب، كان من عادتها مناقشة طبيعة وخطورة الجنحة المرتكبة، كل صفعة متوازنة من الحزام. كلما زادت خطورة الجريمة، كلما استغرق الأمر للأم لمناقشته!
لا أذكر أبدا بعد أن فكرت في أثناء ذلك الموقف المؤلم، «كيف من الطف والمحبة من والدتي لتأديبني هكذا! كيف هي كريمة لتقوم بالخطر من أن يساء فهمها أو ربما تسبب لي على كراهية لها والطاعة لها بدافع الخوف!» على العكس من ذلك، يبدو لي أن أتذكر مشاعر مختلفة جدا في ذلك الوقت.
ولكن عندما انتهى كل شيء، كان علينا أن نجلس على الدرج السفلي والتفكير في التجربة لفترة من الوقت. وقبل أن نتمكن من الخروج واللعب مرة أخرى، كان علينا دائما أن نجد الأم حيث كانت، وسيكون هناك المعانقة والتقبيل والاطمئنان إلى أن الأمور ستكون أفضل من الآن فصاعدا.
أحيانا كانت التوبة بطيئة بعض الشيء في القدوم. أستطيع أن أتذكر التسلق إلى أعلى الدرج لدرجة أنني يمكن أن أنظر خارجا على الزهور حول الحديقة من خلال النوافذ ذات الزجاج الملون. ولكن كان من الصعب البقاء لفترة طويلة غاضبا أو للإستمرار في الشعور بالخوف. لا يبدو للأم أن تفقد أعصابها. كنا نعرف لم يكن هناك شيء أنها لن تفعله بالنسبة لنا الأطفال ولايوجد حد لاستعدادها للاستماع إلى كل ما كان علي أن أقول. بدت فخورة جدا لنجاحاتنا وتفهم كذلك جدا عندما فشلنا.
بعد فترة وجيزة بعد وفاة الأم زرت الدرج الأسفل مرة أخرى للمرة الأولى من تسعة و ثلاثون عاما. كانت الشبابيك من الزجاج الملون لا تزال هناك، ولكن يبدو الدرج أقل قليلا عندما جلست عليه هذه المرة. بطريقة ما لم أستطع تذكر الألم والحرج على الإطلاق. ولكن آمل أن اكون أنا لم افقد معنى تلك الجلسات مع الأم في الدرج السفلي. كانت قد ساعدتنا على تعلم حقيقة أساسية عن الله. ليست أننا فهمناه على الفور. كانت والدة على استعداد للانتظار. وإذا كنا قد كبرونا خشية وكره لها لتلك الأوقات من الانضباط والعقاب، كان يمكن أن تكون تكسر قلبها. لكنها تهتم بما فيه الكفاية بشأننا لتكون على استعداد لتشغيل هذا الخطر.
رسالة الكتاب المقدس هي أننا يمكن أن نثق بالله للرعاية بما يكفي عن شعبه ليكون على استعداد للقيام بهذا الخطر نفسه. صحيح أنه إذا نحن نصر على الذهاب بطريقتنا الخاصة، سيتيح الله في النهاية لنا لنذهب. لكنه لا يسلمنا بسهولة. فهو يقنع، هو يحذر، وهو يؤدب. وأنه بدلا من ذلك بكثير يتحدث إلينا بهدوء كما أنه يمكنه في النهاية إلى لإيليا. ولكن إذا لم نتمكن من سماع صوت منخفض هامس، فهو سيتحدث من خلال الزلازل، الرياح، والنار.
في بعض الأحيان، في لحظات حرجة للغاية، فقد كان من الضروري لله لاستخدام إجراءات مشددة للحصول على اهتمامنا والاحترام. في مثل هذه المناسبات خشوعنا المترددة كان إلى حد كبير نتيجة للخوف. ولكن الله قد اكتسب بذلك فرصة أخرى للحديث، ليحذيرنا مرة أخرى قبل أن نكون بلا أمل بعيد المنال، لكسب بعضنا إلى الثقة وأن نجد أن هناك حقا لا حاجة للخوف.
قال يسوع أنه يريدنا جميعا أن نكون أصدقائه (يوحنا ١٥ :١٤، ١٥). هل هذا يمكن أن يكون صحيحا أيضا من الآب؟ هل يعتبرنا الله بحرارة، حتى بكل احترام، كما لو أننا لم نكن فحسب أولاده لكن أصدقائه؟
سئل فيليب يسوع عن هذا يوم من الأيام: «أرنا الآب، يا رب، ويجب أن نشعر بالارتياح».
«فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ وَأَنَا مَعَكُمْ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَافِيلِبُّسُ؟» (يوحنا ١٤ :٨، ٩).
لكن التلاميذ لم تسأل عن يسوع. أنهم أحبوه. رحبوا بدعوته ليكونوا أصدقائه. شعروا بالراحة المستغربة في وجود الواحد الذي كانوا يعبدون كابن الله.
ما يريدون معرفته كان الحقيقة عن الله الذي أرعد على جبل سيناء، الذي كان قد أغرق العالم في الطوفان، الذي دمر سدوم وعمورة؛ الإله الذي قد استهلك ناداب وأبيهو وفتحت الأرض لتبتلع المتمرد قورح، داثان، وأبيرام، الذي كان قد أمر برجم عخان وكان أمطر النار من السماء على جبل الكرمل.
«يسوع، هل يمكن أن يكون الآب مثلك؟»
وأجاب الرب: «اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلْآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا ٱلْآبَ؟ أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي ٱلْآبِ وَٱلْآبَ فِيَّ؟» (الآيات ٩، ١٠).
الآب هو تماما كريم ومحب كما الابن. انه هو تماما متفاهم وعلى استعداد ليغفر. هذا هو السبب يمكن أن يقول يسوع لتلاميذه أنه عندما يعود إلى الجنة أنه لن يكون من الضروري له أن يتوسل للآب إلى فعل الخيرات لهم. «وَلَسْتُ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي أَنَا أَسْأَلُ ٱلْآبَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِأَنَّ ٱلْآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ» (يوحنا ١٦ :٢٦، ٢٧).
«وأما عن هذه القصص المؤلمة من الانضباط والموت،» يسوع قد يكون تابع، «يجب أن لا تأخذوها على أنها تعني أن الآب هو أقل رحمة مني أنا. وكنت أنا الذي قاد إسرائيل عبر البرية. وكانت التعليمات موسى مني».
بولس فهم هذا عندما كتب، وذلك باستخدام رمز الكتاب المقدس المألوف من الصخرة، واضاف «وكُلّهُم كانوا يَشرَبونَ شَرابًا روحيّا واحدًا مِنْ صَخرَةٍ روحيّةٍ تُرافِقُهُم، وهذِهِ الصّخرَةُ هِـيَ المَسيحُ» (١ كورنثوس ١٠ :٤).
يجد البعض صعوبة في عبادة الله على حد سواء كالخالق الانهائي وصديق لطيف. عندما ذهب الخوف، عندما لا يكون هناك عرض من جلاله وسلطة، الخشوع يبدو أن يتلاشى.
طالما أطعم يسوع الجموع بمعجزة، وشفاء المرضى، وأقام الموتى، كان الناس على استعداد لتسجد له وتتويجه ملكا. ولكن معظم أتباعه عندما أجاب أعدائه مع مثل هذه الوداعة، عندما كان يعامل الخطاة بمثل هذا الصبر والاحترام ، عندما أوضح أن مملكته لن تقام بالقوة، عندما على الجلجثة استسلم بتواضع على مثل هذا الانتهاك، إما تركوه أو سخروا على ادعائه بأنه ابن الله.
وكان يهوذا واحدا من أولئك الذين ظنوا الحفاوة بضعف. عندما ركع يسوع لغسل أقدام التلاميذ، احتقره يهوذا لتواضعه. الإله الذي يمكن أن يحترامه يهوذا لن يهين نفسه بهذه الطريقة.
من الذي يوحي لك إلى مزيد من الخشوع والعبادة: مظهر من المظاهر المرعبة من قوة الله على جبل سيناء أو الصورة من الخالق العظيم يبكي بهدوء على جبل الزيتون؟
ما الذي يثيرك بكثرة: النار على جبل كرمل أو صوت منخفض هامس عند مصب الكهف؟
ربما كنت لا تزال بحاجة لاهوال سيناء، والرياح، والزلازل، والنار. إذا كان الأمر كذلك، قد يوفرهم الله لك. لأنه يهتم بما يكفي بمقابلتنا حيثما نحن فيه والتحدث بطرق يمكننا أن نفهمها.
ولكن إذا انتقلنا من سيناء إلى جبل الزيتون، وليس هناك ما يثيرنا أكثر من الجمال وهدوء سلطة الحقيقة، وإذا كان قصة سيناء وقصة اوليفيه أدت بنا لمعرفة الله كما كلا من ملك مهيب وصديق كريم، من ثم تعلمنا كيفية عبادة الله مع الخشوع ولكن من دون خوف.
إذا سمحنا لله أن يكشف عن نفسه من خلال قصص مختلفة، وجميع تعاليم الكتاب المقدس، واذا كنا قد تعلمنا لعرض الكتاب المقدس ككل ونربط جميع أجزائه إلى موضوع مركزي واحد، الأخبار السارة الأبدية حول إلهنا الكريم والجديرة بالثقة آنذاك نحن على استعداد لقراءة بعض من أكثر الكلمات المخيفة في جميع الكتب الستة و ستون، ورسالة الملاك الثالث من سفر الرؤيا ١٤:
«ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاَكٌ ثَالِثٌ يُنَادِي بِصَوْتٍ عَالٍ: «جَمِيعُ الَّذِينَ سَجَدُوا لِلْوَحْشِ وَلِتِمْثَالِهِ، وَقَبِلُوا عَلاَمَتَهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ أَوْ عَلَى جِبَاهِهِمْ، لاَبُدَّ لَهُمْ، فِي حَضْرَةِ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَفِي حَضْرَةِ الْحَمَلِ، أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ خَمْرِ الْغَضَبِ مِنْ غَيرِ مَزْجٍ، الْمَسْكُوبَةِ فِي كَأْسِ غَضَبِ اللهِ، فَيُكَابِدُوا عَذَابَ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ الْمُتَّقِدِ، وَيَتَصَاعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. لاَ رَاحَةَ فِي النَّهَارِ وَلاَ فِي اللَّيْلِ لِلَّذِينَ عَبَدُوا الْوَحْشَ وَسَجَدُوا لِتِمْثَالِهِ وَقَبِلُوا عَلاَمَةَ اسْمِهِ» (الآيات ٩-١١).
الله يجب أن يكره الاضطرار إلى التحدث إلينا مثل هذا. لكن يسوع ينضم مع أبيه في ارسال لنا هذه الرسالة (انظر رؤيا ١ :١؛ ٢٢ :١٦). الواحد الذي قال «طوبى للودعاء» يجب أن يكون له أحد الأسباب الملحة لتحذيرنا في الكلمات المخيفة من هذا القبيل.
وقد أعد الكتاب المقدس لنا أن نفهم شروط رمزية. وقد تم بالفعل الوحش وصورته كما ذكر يمثلون أعداء الله في الصراع العظيم، والعلامة كاشارة الولاء إلى جانب الشيطان (انظر رؤيا ١٣). النار التي تدوم «إلى الأبد» قد تم بالفعل مقارنتها مع حرق قش من حقل (ملاخي ٤ :١)، بل هي مثل «النار الأبدية» التي استهلكت تماما سدوم وعمورة منذ عدة قرون (يهوذا ٧). وخوفا من الرهبة من التحذير ينبغي أن تقودنا للشك في أغراض الله الكريمة، ارسل الملائكة الأول والثاني مع الرسائل التي تعدنا للثالث.
الملاك الأولى يذكرنا بالحقيقة الأبدية. انه يدعو جميع الناس في كل مكان لتشكل عقولهم حول الله. هل نجد وزن الأدلة أساسا كافيا لإيماننا؟ يمكننا الثقة وعبادة الواحد الذي خلق الكون الفسيح كله؟
الملاك الثاني يذكرنا بزيف وخداع أعداء الله. وسقط كل نظام يقوم على أكاذيب الشيطان في الفساد والهزيمة.
ثم الملاك الثالث يحذر من عواقب. أنها ليست إرادة الله أن يهلك. ليس هناك ما هو ابسط في كل الكتاب! ولكن إذا كنا نفضل كذب الشيطان عن معرفة الحقيقة، واذا كنا لا نزال قائمين في رفض كل جهد الله الممكن لإنقاذ وشفاء، فهناك لاشيء آخر يمكنه القيام به لكنه للأسف يتخلى ويسلمنا إلى النتيجة الفظيعة من اختيارنا المتمرد الخاص. هذا هو ما يعنيه أن تواجه غضب الله غير مخلوطة مع رحمة في نهاية المطاف. وإذا لم نلتئم ونحن على استعداد للعيش في وجوده مرة أخرى، فإن المجد الواهب للحياة منه الذي هو الحب ستستهلك كل ما هو خارج عن الانسجام عندما يأتي.
الله يفعل أي شيء لينقذنا من هذا الدمار النهائي. فكر في ما قام بفعله! ولكن ماذا يمكنه أن يفعل مع أولئك الذين لا تثار من قبل النداءات المقنعة من الصوت المنخفض الهامس؟ ماذا يمكنه أن يفعل مع أولئك الذين لم تتحرك من خلال رسائل الأنبياء على مر السنين لا حتى من قصة هوشع الحزينة؟ فكيف يوقظ أولئك الذين يعانون من الصمم حتى لرعود سيناء؟ فكيف يصل إلى أولئك الذين لم تمس حتى من قبل ما حدث في الجلجثة ولا حذرت لطبيعة موت المسيح ولكيفية الرهيبة هي النتيجة النهائية للخطيئة؟
أبانا السماوي على وشك أن يشهد فقدان أعداد كبيرة من أبنائه. للمرة الأخيرة انه يرفع صوته. هو الواحد الكريم، الواحد الذي أراد كثيرا أن يتكلم الينا بلطف عن الحقيقة يرفع صوته في تحذير واحد رهيبة ونداء آخير: «إذا كنتم تعكفون على تركي، لا بد لي من السماح لكم بالرحيل! ولكن عندما اتخلى عنكم، سوف يتم تدميركم!»
الشيطان يريدنا أن نسيئ فهم هذه الرسالة ككلام الله الغاضب، لا يكاد أن يكون أحد محبوبا. ولكن هذا التحذير الرهيب يخدم فقط لتأكيد الأخبار السارة الأبدية. يمكنك أن تثق في الله الذي نعبد لإرسال هذه الرسائل الثلاثة الأخيرة إلى العالم. في هذه الأيام الأخيرة قبل النهاية فانه لم يترك أولاده بدون تعليمات وسابق إنذار.
وراء الصياغة المخيف من رسالة الملاك الثالث يقف إله هوشع يبكي: «لماذا سوف تموت؟ كيف اتخلى عنكم! كيف يمكنني السماح لكم بالرحيل!»
مثل هذا إله يمكن أن نعبد دون خوف.