الفصل الثامن – لماذا ينبغي على يسوع أن يموت؟

الفصل الثامن – لماذا ينبغي على يسوع أن يموت؟

 

من كل الأحداث المسجلة في الكتاب المقدس، لا شيء يتحدث بوضوح حتى للحقيقة حول الله كما في حياة وموت ابنه يسوع.

 

ليس الأمر هو أن العهد القديم لم تشهد ببلاغة وإقناع في معرفة الحقيقة. يتم وصف بعض الأمثلة الأكثر إقناعا عن النعمة اللانهائية ومصداقية الله في أول تسعة وثلاثين كتابا. الإجابات لاتهامات الشيطان تبدأ مع الصفحة الأولى من الكتاب الأول.

 

وتحدث بولس عن شهادة العهد القديم إلى بر الله (رومية ٣ :٢١). وأكد يسوع أن العهد القديم تنقل شهادة وفيا لنفسه (يوحنا ٥ :٣٩، لوقا ٢٤ :٤٤). عبرانيين ٤ :٢ تعلن أن الأخبار السارة سمعت بواسطة شعب الله في أيام موسى.

 

عندما احتاج بولس ليستشهد بمثال لثقة كبيرة في الله، اختار إبراهيم (انظر رومية ٤)، الذي عاش كصديق الله الكريم قبل فترة طويلة من أن أول كتاب الكتاب المقدس قد كتب. عبرانيين ١١ يسرد العديد من الآخرين في أوقات العهد القديم الذين، حتى في ظل أصعب الظروف، قد رأوا الحقيقة وتعلموا أن يثقوا في الله.

 

ولكن كان لا يزال هناك حاجة من أجل العرض التوضيحي الأكثر وضوحا بشأن الحقيقة. كان هناك اتهام في الصراع العظيم الذي ما زال يتعين الوفاء بها. حتى مثل موسى، انضم ميخا، وإشعياء مع الأنبياء الآخرين في التحدث بشكل جيد بخصوص الله، أشاروا إلى الأمام إلى اليوم عندما الله نفسه أن يعطي الجواب النهائي لأي سؤال عالق حول ثقته الخاصه.

 

«كلَّمَ اللهُ آباءَنا مِنْ قَديمِ الزّمانِ بِلِسانِ الأنبـياءِ مَرّاتٍ كَثيرةً وبِمُختَلفِ الوَسائِلِ، ولكنّهُ في هذِهِ الأيّامِ الأخيرَةِ كَلّمَنا باَبنِهِ الذي جَعَلَهُ وارِثًا لِكُلّ شيءٍ وبِه خلَقَ العالَمَ. هُوَ بَهاءُ مَجدِ اللهِ وصُورَةُ جَوهَرِهِ، يَحفَظُ الكَونَ بِقُوّةِ كلِمَتِهِ. ولمّا طَهّرَنا مِنْ خَطايانا جَلَسَ عَنْ يَمينِ إلهِ المَجدِ في العُلى» (عبرانيين ١ :١-٣).

 

الفصل الأول من العبرانيين يمضي في التأكيد على أن الواحد الذي جاء لكشف الله كان أيضا هو الله نفسه. «وعِندَما أرسَلَ اَبنَهُ البِكرَ إلى العالَمِ قالَ أيضًا: (لِتَسجُدْ لهُ كُلّ ملائكَةِ اللهِ). … أمّا في الابنِ فقالَ: عَرشُكَ يا اللهُ ثابِتٌ إلى أبَدِ الدّهورِ». (عبرانيين ١ :٦-٨).

 

في رسالته إلى الكنيسة في فيلبي، يعترف بولس بوضوح أنه عندما ولد يسوع بيننا كإنسان، كان في الواقع الله الذي تواضع بنفسه كثيرا: «هوَ في صُورَةِ اللهِ،ما اَعتبَرَ مُساواتَهُ للهِ غَنيمَةً لَه، بَلْ أخلى ذاتَهُ واَتّخَذَ صُورَةَ العَبدِ صارَ شَبـيهًا بالبَشَرِوظَهَرَ في صورةِ الإنسانِ» (فيلبي ٢ :٦، ٧).

 

أعطى يسوع لنيقوديموس أبسط سبب لماذا كان عليه أن يأتي. «ما صَعِدَ أحَدٌ إلى السّماءِ إلاّ اَبنُ الإنسانِ الذي نزَلَ مِنَ السّماءِ» (يوحنا ٣ :١٣). وهذا هو، لا أحد منا قد ذهب من أي وقت إلى أعلى حتى أن يعود بالحق عن الله.

 

يوحنا في إنجيله يقدم تفسيرا مشابها: «ما مِنْ أحدٍ رأى اللهَ. الإلهُ الأوحَدُ الذي في حِضنِ الآبِ هوَ الذي أخبَرَ عَنهُ» (يوحنا ١ :١٨).

 

فيليبس يترجم هذا المقطع نفسه: «صحيح أن لا أحد على الاطلاق قد رأى الله في أي وقت. بعد الابن الإلهي والوحيد الذي يعيش في أقرب علاقة حميمة مع الآب، وجعله معروفا». أو كما في الكتاب المقدس الانجليزي الجديد يضعها بشكل جميل جدا «ابن الله الوحيد، هو الذي هو أقرب إلى قلب الآب، فقد جعلته معروفا».

 

القصة الأكثر أهمية في جميع الكتب ال ستة وستين هي كيف أن ابن الله جاء إلى هذه الأرض، وكيف كان يعيش بيننا باعتباره الشخص الأكثر تراؤفا في العالم على الاطلاق، وكيف لا يزال في مقتبل العمر توفي وفاة مروعة ثم ارتفع من القبر وعاد إلى أبيه السماوي.

 

ماذا يقول لنا هذا عن الله؟ لماذا أتي يسوع في شكل الإنسان؟ ولماذا ينبغي عليه أن يموت؟

 

في بعض الأحيان سوف يجيب المسيحي على هذه الأسئلة من خلال تكرار الآية الشهيرة في كل الكتاب المقدس، يوحنا ٣:١٦: «هكذا أحبّ اللهُ العالَمَ حتى وهَبَ اَبنَهُ الأوحَدَ، فَلا يَهلِكَ كُلّ مَنْ يُؤمِنُ بِه، بل تكونُ لَهُ الحياةُ الأبدِيّةُ». أو ربما كان يحفظ هذا النص كما في ترجمة الكتاب المقدس الانجليزية الجديدة. في هذا الإصدار هي عبارة بين علامتي اقتباس، للإشارة إلى أنها كانت منطوقة من قبل يسوع نفسه. «أحب الله العالم كثيرا لدرجة أنه بذل ابنه الوحيد، إلى حد أن كل من لديه الإيمان به قد لا يموت ولكن تكون له الحياة الأبدية».

 

هذه الآية الشهيرة، ومع ذلك، لا تفسر لماذا كان يجب أن يموت يسوع. فإنها تروي لنا إنه أحب الله العالم بما يكفي لإعطاء ابنه.

 

أول ذكر للوفاة في الكتاب المقدس هو في تحذير الله الرسمي في جنة عدن: «فيومَ تأكُلُ مِنها موتا تموتُ» (سفر التكوين ٢ :١٧).

 

ونف الشيطان صدق هذه الكلمات. وأكد لآدم وحواء، «لن تموتا». «أنها آمنة تماما في الواقع، أكل ثمرة هذه الشجرة مفيدة للغاية. لا يمكنك الاعتماد دائما على الله بأن يقول لك الحقيقة. هذا هو السبب في أنه ليس من الحكمة أو الآمان لوضع الثقة الكاملة فيه» (انظر سفر التكوين ٣ :١-٦).

 

لكن الشيطان لم ينكر فقط صدق أقوال إنذار الله تعالى، فأنه قد أدى أيضا إلى التحريف لمعانيها الحقيقية. وقد أدى عدو الله والإنسان، الذي من شأنه أن جعلنا نخاف أبينا السماوي كما أنه تعسفي، بلا ترحم، وشديد، أدى إلى سوء فهم هذا التحذير باعتباره طلب قاسي على الطاعة بموجب عقوبة الموت.

 

يا له من تأثير مؤذي هذا التشويه للحقيقة في جميع أنحاء العالم! كيف سمم ذلك سلوك الناس تجاه الله وعن ممارساتها للدين! طيع، أو واجه الإعدام على أيدي الله الغاضب. كيف يمكن لهذا الرأي الشيطاني أن قد التقى مع قبولا واسعا من هذا القبيل؟

 

منذ آلاف السنين قدم الرجال التضحية حتى أحيانا بأطفالهم لصالح الفوز بالآلهة المهانة. حتى في العالم المسيحي علم البعض لو أنه لم يكن لاسترضاء المسيح هذا من غاضب الله، فإننا قبل وقت طويل تم تدميرنا؛ ولكن لمرافعة ابنه المستمرة في حسابنا الآب لا يمكنه العثور في قلبه على أن يغفر ويشفينا نحن الخطاة.

 

ولكن بحاجة إلى أي شيء يتعين القيام به لاقناع الله ان يحب أولاده؟

 

ليس هناك ما هو أكثر تأكيدا في الكتاب المقدس من أن الله دائما أحب، حتى طفله الأكثر تمردا. الشهادة المتسقة من جميع الكتب ال ستة وستين هو أن الآب السماوي يحبنا كما يحب ابنه.

 

عندما قال الله: «فيومَ تأكُلُ مِنها موتا تموتُ»، كان ينطق لا أي تهديد تعسفي. في حبه لكائنات خلقه، كان فقط يحذيرهم من عواقب الخطيئة.

 

الخطيئة لذلك تغير الخاطىء إلى أنها تؤدي فعلا إلى الموت. فصل عن مصدر الحياة، فسوف يموت بالتأكيد. خارج من الانسجام مع خالقه، لم يعد يمكنه أن يتحمل مجد الواهب للحياة من وجوده.

 

غالبا ما يوصف هذا المجد الذي يحيط الله في الكتاب المقدس على أنه مظهر من النار. عندما نزل الله على جبل سيناء، « وكانَ منظَرُ مَجدِ الرّبِّ كنارٍ آكِلَةٍ في رأسِ الجبَلِ أمامَ عُيونِ بَني إِسرائيلَ» (خروج ٢٤ :١٧).

 

وعندما سجل دانيال رؤيته من الجنة، وصف عرش الله بأنه «كُنْتُ أَرَى أَنَّهُ وُضِعَتْ عُرُوشٌ، وَجَلَسَ ٱلْقَدِيمُ ٱلْأَيَّامِ. لِبَاسُهُ أَبْيَضُ كَٱلثَّلْجِ، وَشَعْرُ رَأْسِهِ كَٱلصُّوفِ ٱلنَّقِيِّ، وَعَرْشُهُ لَهِيبُ نَارٍ، وَبَكَرَاتُهُ نَارٌ مُتَّقِدَةٌ. نَهْرُ نَارٍ جَرَى وَخَرَجَ مِنْ قُدَّامِهِ» (دانيال ٧ :٩، ١٠).

 

عندما وصف حزقيال رؤيته الله في الفصل الأول، الآيات ٤ إلى ٢٨، تحدث مرارا وتكرارا من ظهور السطوع والنار: «هذا منظَرٌ يُشبِهُ مَجدَ الرّبِّ» (الآية ٢٨). عندما وصف منصب إبليس قبل سقوطه، قال أنه تصوره في وقوف في وجود الله ذاته، في «بَيْنَ حِجَارَةِ ٱلنَّارِ تَمَشَّيْتَ» (حزقيال ٢٨ :١٤، ١٦).

 

أجاب الرب حتى لصديق موثوق مثل موسى عندما طلب رؤية الله في مجده، «أمَّا وجهي فلا تقدِرُ أنْ تراهُ، لأنَّ الّذي يراني لا يعيشُ» (الخروج ٣٣ :٢٠). عندما نزل موسى من بعد التحدث مع الله في الجبل، عكس جهه الكثير من المجد الإلهي إلى أنه كان عليه أن يرتدي الحجاب من أجل الاعتبار للشعب (انظر الخروج ٣٤ :٢٩-٣٥).

 

عندما قال الله أنه لا يوجد رجل يمكنه أن يرى وجهه ويعيش، فلا كان يهدد بأنه سوف يقتل أي شخص أمسكه ينظر. للإنسان، في حالته الخطيئة الحالية، كشف النقاب عن مجد الله ستكون كنار آكلة.

 

كيف، إذن، يمكن لله أن يخلص الخطاة؟ كيف يمكنه أن يأتي قريبا بما فيه الكفاية للفوز بهم مرة أخرى إلى الإيمان؟

 

ولا من عرض بعيد الغفران سوف يعيد الضرر الذي تم. فكيف يمكن لله أن يجعل الحقيقة واضحة عن نفسه، لكي يتمكن الإنسان ليأتي إلى الثقه به مرة أخرى ويشفى؟

 

كان جواب الله ليرسل ابنه في شكل الإنسان. على الرغم من أنه هو نفسه جدا «هُوَ بَهاءُ مَجدِ اللهِ» (عبرانيين ١ :٣)، يسوع «أخلى ذاتَهُ، واَتّخَذَ صُورَةَ العَبدِ صارَ شَبـيهًا بالبَشَرِوظَهَرَ في صورةِ الإنسانِ» (فيلبي ٢ :٧). أنه احجب روعة ألوهيته الرائعة لكي يحين للناس ليعرفوا الله دون أن يهلكون.

 

كان الكون يشاهد عندما غفر الله لآدم وحواء. قد سمعت الملائكة تحذير الله من الموت. قد سمعوا إنكار الشيطان الجريئة. مرة أخرى أثير نفس السؤال الذي بدأ الحرب حتى في الجنة. من الذي كان على حق؟ من الذي كان يقول الحقيقة، الله أو حامل النور السابق؟

 

اذا سمح الله لأبائنا الأوائل لجني نتيجة طبيعية تمردهم والخطيئة، فصدق تحذيره كان من الممكن رؤيتها بوضوح، وسوف تم كشف زيف الشيطان.

 

ولكن «الرّبّ … لا يُريدُ أنْ يَهلِكَ أحدٌ، بَلْ أنْ يَتوبَ الجميعُ» (٢ بطرس ٣ :٩). بدلا من الموت عرض عليه الغفران والشفاء. في رحمة أنه حجب مجد حضوره. أنه بسماحة قد حفظ حياة الخاطئ ليكون له المزيد من الوقت للنظر في الحقيقة.

 

ويا له من خطر جرى به الله من أن يساء فهمه! والشيطان لا يتردد في الاستفادة من رغبة غفران الله كدليل داعم لاتهاماته الشريرة. «قلت لك أن الله قد كذب!» الشيطان يستطيع أن يدعي. «الخطيئة لا تؤدي إلى الموت. فلن تموت. ”

 

لماذا لم يسمح الله للشيطان وأتباعه لجني النتيجة الكاملة من خطاياهم؟ الم يكن موتهم الطريقة الأكثر فعالية لوقف انتشار التمرد والقضاء على الفتن والخطيئة؟

 

لكن الكون لم يشهد الموت أبدا. لم يكن واضح حتى الآن أن الموت كان نتيجة حتمية للخطيئة. كان هناك خطر أن الكون سوف تفترض أن الله قد أعدم أعدائه، التي من شأنها أن تكون بالتالي أدى الكائنات المتطلعة إلى طاعته خوفا.

 

على الرغم من اتهامات الشيطان على العكس من ذلك، الله لا يرغب في خدمة الخوف. فإنه يحزن عندما أن يرى أولاده خائفين. إذا كان ينبغي ان نقتنع بالحفاظ على وصايا الله لمجرد الخوف من قوته للتدمير، فطاعتنا لا تتكلم جيدا عن الآب السماوي المحب.

 

أن تبقى حرة وغير خائفة من الله، يجب على الكون أن يعرف الحقيقة حول نتائج الخطيئة. يجب أن يتم مساعدتهم على فهم أن موت الخاطىء ليست نفيذت في يد الله المنتقم.

 

ولكن الم يجعل الكتاب المقدس تكرار من ذكر غضب الله الرهيبة؟ الملاك الثالث من سفر الرؤيا ١٤ يحذر من أن في النهاية سيتم سكب غضب الله، غير مخلوط مع الرحمة، وسيتم سكبه على رؤوس المذنبين الغير تائبه، وأنهم سوف يهلكون بنار لا تطفأ (رؤيا ١٤ :٩-١١).

 

ما هو هذا غضب الله؟ وهل ذلك مثل غضبنا الإنساني؟

 

في الفصل الأول من الرومان يصف بولس كيف يتم صب غضب الله على هؤلاء الذين يرفضون ويقمعون الحقيقة. ثلاث مرات وهو يفسر أن الله يتخلى عن هؤلاء الناس ويحولهم إلى نتائج تمردهم.

 

«لِأَنَّ غَضَبَ ٱللهِ مُعْلَنٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ ٱلنَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، ٱلَّذِينَ يَحْجِزُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ ٱللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لِأَنَّ ٱللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، لِأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ ٱلْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ ٱلْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِٱلْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ ٱلسَّرْمَدِيَّةَ وَلَاهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلَا عُذْرٍ. لِأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا ٱللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ ٱلْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلَاءَ، وَأَبْدَلُوا مَجْدَ ٱللهِ ٱلَّذِي لَا يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي يَفْنَى، وَٱلطُّيُورِ، وَٱلدَّوَابِّ، وَٱلزَّحَّافَاتِ.

 

«لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ ٱللهُ أَيْضًا فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى ٱلنَّجَاسَةِ، لِإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. ٱلَّذِينَ ٱسْتَبْدَلُوا حَقَّ ٱللهِ بِٱلْكَذِبِ، وَٱتَّقَوْا وَعَبَدُوا ٱلْمَخْلُوقَ دُونَ ٱلْخَالِقِ، …

 

«لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ ٱللهُ إِلَى أَهْوَاءِ ٱلْهَوَانِ، …

 

«وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا ٱللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ ٱللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لَا يَلِيقُ» (رومية ١ :١٨-٢٨).

 

كيف يتفق هذا مع ما نعرفه عن الله! منذ أنه لا يمكن فرض الإيمان والمحبة، ما كذلك يمكن لله القيام به غير أن يتخلى بحزن حتى عن أولئك الذين يرفضونه؟

 

ولذلك كشف غضب الله، على ما ويبدو لوصف بولس، بواسطة الابتعاد بعيدا في خيبة أمل المحبة من أولئك الذين لا يريدونه على أي حال، مما يتركهم للعواقب الحتمية التي يختارونها بتمردهم.

 

من المؤكد لم تصدر أي عقوبة أكثر فظاعة يمكن أن تصرح على الخاطئ من غير أن يقول الله: «اتركه وحده».

 

كانت مثل هذه الصورة من غضب الله ليست جديدة مع بولس. وكان العهد القديم يدرس قبل فترة طويلة. في كتاب هوشع الرائع ولكن محزن النبي يصور كيف أن الله قد سع طويلا للفوز بصبر على اسرائيل المتمرد مرة أخرى. ولكن سخر الناس لحبه ورفضوا بازدراء كل تقدمه. ما كان هناك تبقى له القيام به ولكن للأسف تخلي عنهم؟

 

« لَمَّا كَانَ إِسْرَائِيلُ غُلَامًا أَحْبَبْتُهُ،

وَمِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ٱبْنِي.

كُلَّ مَا دَعَوْهُمْ

ذَهَبُوا مِنْ أَمَامِهِمْ يَذْبَحُونَ لِلْبَعْلِيمِ،

وَيُبَخِّرُونَ لِلتَّمَاثِيلِ ٱلْمَنْحُوتَةِ.

وَأَنَا دَرَّجْتُ أَفْرَايِمَ

مُمْسِكًا إِيَّاهُمْ بِأَذْرُعِهِمْ،

فَلَمْ يَعْرِفُوا أَنِّي شَفَيْتُهُمْ.

كُنْتُ أَجْذِبُهُمْ بِحِبَالِ ٱلْبَشَرِ، بِرُبُطِ ٱلْمَحَبَّةِ،

وَكُنْتُ لَهُمْ كَمَنْ يَرْفَعُ ٱلنِّيرَ عَنْ أَعْنَاقِهِمْ،

وَمَدَدْتُ إِلَيْهِ مُطْعِمًا إِيَّاهُ.

لَا يَرْجِعُ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ،

بَلْ أَشُّورُ هُوَ مَلِكُهُ،

لِأَنَّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَرْجِعُوا.

يَثُورُ ٱلسَّيْفُ فِي مُدُنِهِمْ

وَيُتْلِفُ عِصِيَّهَا، وَيَأْكُلُهُمْ مِنْ أَجْلِ آرَائِهِمْ.

وَشَعْبِي جَانِحُونَ إِلَى ٱلِٱرْتِدَادِ عَنِّي،

فَيَدْعُونَهُمْ إِلَى ٱلْعَلِيِّ وَلَا أَحَدٌ يَرْفَعُهُ.

كَيْفَ أَجْعَلُكَ يَا أَفْرَايِمُ،

أُصَيِّرُكَ يَا إِسْرَائِيلُ؟!

كَيْفَ أَجْعَلُكَ كَأَدَمَةَ،

أَصْنَعُكَ كَصَبُويِيمَ؟!

قَدِ ٱنْقَلَبَ عَلَيَّ قَلْبِي.

ٱضْطَرَمَتْ مَرَاحِمِي جَمِيعًا».

— هوشع ١١ :١-٨

 

قبل ألف وتسعمائة سنة ابن الإنسان جاء إلى هذه الأرض في شكل الإنسان ليقدم لنا الوحي الواضح من الحقيقة عن الله أن الكون سوف يرها من أي وقت مضى. من خلال الطريقة التي عاشها والطريقة التي ماتها أجاب على الأسئلة، التقى بالاتهامات، وأكد للجميع الحقيقة مع الدليل الذي سيقف إلى الأبد.

 

جاء لإظهار كيف أن محبة الآب بلا حدود. كان يحب الجميع، بما في ذلك الأطفال الصغار. افترض التلاميذ بأن المخلص كان مشغولا جدا وليس لديه الوقت للبنين والبنات. ولكن يسوع قال: «دَعُوا الأطفالَ يأْتُونَ إليّ ولا تَمنَعوهُم» (متى ١٩:١٤). جاء لإظهار كيف أن صبر الآب بلا حدود. تعامل مع الجميع من باب المجاملة القصوى والتفاهم، حتى ولو تم رفضه كثيرا من الأحيان وأهان في المقابل. في أحد الايام سأل التلاميذ يسوع إذا أراد أن يدعو لهم إلى اسفل النار من السماء التي تستهلك رافضين محبته. وبخهم الرب لنفاد الصبر من قلوبهم. أنه لم يأت ليهلك بل ليشفي (انظر لوقا ٩ :٥٥؛ ١٩ :١٠).

 

جاء يسوع لإظهار كيف أن كل تفاصيل حياتنا تثير قلق الآب. في كل الإثارة التي عقبت رفع ابنة يايرس، أنه هو الذي وجه بأنهم يكونوا متأكدين من أن يعطوها شيئا لتأكله (انظر لوقا ٨ :٤٩-٥٦).

 

ثم في نهاية حياته الا مثيل لها جاء هناك هذا البرهان العلي من ما هو مثل الله. اعتقل يسوع مساء يوم الخميس. وقد حوكم بطريقة غير مشروعة. واتهم زورا. تم إهانته بشكل صارخ. ولكن ليس لمرة واحدة قال أنه أصبح غاضبا؛ لأن الله مثل ذلك!

 

أنه تعرض للضرب الفظيع مرتين. لا نوم ولا طعام سمح له طوال الليل. ولكن هل اصبح غاضبا؟ لا للحظة واحدة؛ لأن الله مثل ذلك!

 

صنع الرجل لعبة ضرب رأسه الجريح. سخروا على ولادته الغامضة كغير شرعية. حتى أنهم بصقوا في وجهه. ولكن هل نفد صبره؟ هل أصبح غاضبا مع معذبيه؟ أبدا! لأن الله مثل ذلك.

 

حتى كما هو معلق على الصليب، ويعاني آلام من الصلب والسخرية من أولئك الذين جاء لإنقاذهم – حتى وهو يمر من خلال عذاب لا يوصف من الانفصال عن الأب، استمر في الصلاة، «اَغفِرْ لهُم يا أبي، لأنّهُم لا يَعرِفونَ ما يَعمَلونَ» (لوقا ٢٣ :٣٤).

 

هذه هي الصفة الأساسية من الشخص الذي نعرف أن الله يكون. لأن الآب هو على نفس القدر من محبة ومتسامح كما الابن. كما قال يسوع: «مَنْ رآني رأى الآبَ» (يوحنا ١٤ :٩).

 

وأخيرا جاءت الحظة التي يعتمد عليها أمن الكون كله – ابن الله كان على وشك أن يموت.

 

وبينما هو مات لم يسأل، «الله، لماذا تقتلني؟ لماذا تعدمني؟» بكى، «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ لماذا أسلمتني؟ لماذا سمحت لي بأن ارحل؟» (انظر متى ٢٧ :٤٦).

 

على الرغم من أنه لم يكن متمردا للحظة، كان يسوع يعاني نتيجة الخطيئة. «لأنّ الذي ما عَرَفَ الخَطيئَةَ جعَلَهُ اللهُ خَطيئَةً مِنْ أجلِنا» (٢ كورنثوس ٥ :٢١). كان الله يسكب غضبه على ابنه. بسبب خطايانا يسوع «تخلى» و «سلم» (رومية ٤ :٢٥)، وهي نفس الكلمة اليونانية التي استخدمها بولس في فصل رومية الأول لوصف غضب الله.

 

ربما لا يوجد أي صورة أوضح لله يمكن أن ينظر إليها تحت سفح الصليب.

 

قد قال الله الحقيقة عندما حذر من أن أجرة الخطية هي موت. في ابنه كان يموت بذاك الموت. ولكن الله لم يكن يعدم ابنه. أنه فقط «قد تخلى عنه»، كما أنه سوف يتخلى عن الأشرار في نهاية المطاف. وعلى الرغم من الحقوق أن ينبغي لنا الموت، الله لا يطلب منا إثبات صحة كلامه. أنه ضحى بنفسه في ابنه.

 

ماذا أكثر ما يمكن لله القيام به لتحذيرنا من خطايانا ويفوز علينا بالعودة إلى الإيمان؟ بالتأكيد أنه يظهر نفسه جديرا بلا حدود بثقتنا.

 

كان قد تم استدعاء شخصية الله نفسه في المسألة المطروحة أمام الكون. تحذيره من أن أجرة الخطية هي الموت قد سخرت في عدن. ولكن ليس بذلك بعد الآن. وقد أثبتت موت المسيح بوضوح بر الله (انظر رومية ٣ :٢٥، ٢٦). وقد تبين الله ليكون على حق فيما قاله (انظر رومية ٣ :٤).

 

مات المسيح في المقام الأول لإثبات بر الله في الصراع العظيم.

 

كما يشرح بولس، «أظهر الله موته علنا كذبيحة المصالحة التي ينبغي اتخاذها من خلال الاستفادة من الإيمان. وكان هذا للتبرير عن عدالته (لفي حلمه، تجاوز الله عن خطايا الرجال السابقة) – إلى التبرير عن عدالته في الوقت الحاضر، ويظهر أنه هو نفسه مستقيم، وأنه يجعل أولئك الذين لديهم الإيمان بيسوع تستقيم أيضا» (رومية ٣ :٢٥، ٢٦ ترجمة غودسبيد).

 

مع هذه المظاهرة العليا لبر الله تمت تسوية جميع المسائل عن شخصيته وحكومته في جميع أنحاء الكون. الله قد فاز في قضيته. وكان ينظر في قضايا الصراع العظيم بشكل واضح.

 

هنا فقط على هذا الكوكب كانت هناك أي شكوك متبقية عن الله. هنا فقط لا يزال يؤمن أي شخص أن الشيطان قد يكون على حق.

 

اليوم سيأتي قريبا عندما سيكون الجميع قد اقنعوا عقولهم بشأن الله. ثم إن ربنا سيعود «في نارٍ مُلتَهبَةٍ» (٢ تسالونيكي ١ :٧)، ومجد الله سوف تومض عليها مرة أخرى في جميع الخلق. أولئك منا الذين تتوكل على الله لن تخف لرؤيته القادمة. ولكن كل ما هو خارج من الانسجام مع الله سوف يستهلكها مجد وجوده (انظر ٢ بطرس ٣ :٧-١٢).

 

حتى عندما يموت الأشرار، لن يكون الله غاضبا مع أولاده الغير مخلصة. كما يشاهدهم يهلكون، فنحن سنسمع بكائه: «كيف أستطيع أن أتخلى عنكم! كيف يمكنني السماح لكم بالرحيل!»

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *