الفصل الحادي عشر – الأخبار السارة عن يوم القيامة

الفصل الحادي عشر – الأخبار السارة عن يوم القيامة

 

تماما كما يمكن لمؤمن أن يبتهج في حريته ليعبد الله دون خوف، قد تقع عينه على هذا المقطع في رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين: «فإذا نحن لا نزال قائمين في الخطيئة عمدا بعد تلقي معرفة الحق، فلا تبقى هنالك ذبيحة عن الخطايا: بل انتظار مخيف للحكم والنار الشرسة التي سوف تلتهم أعداء الله» (عبرانيين ١٠ :٢٦، ٢٧(.

 

وكما انه يتأمل على واردات النهي من هذه الكلمات، قد يقف المؤمن ليذكر نفسه بخصوص التشجيع في رسالة يوحنا أن الرجل الذي قبل الحقيقة يستطيع أن يتطلع إلى يوم القيامة غير خائف (١ يوحنا ٤ :١٦ – ١٩). مع هذا الاطمئنان انه مستعد لقراءة المزيد في المقطع من العبرانيين.

 

«مَنْ خالَفَ شَريعَةَ موسى يَموتُ مِنْ دونِ رَحمَةٍ بِشَهادَةِ شاهِدَينِ أو ثَلاثَةٍ، فكَمْ تَظُنّونَ يَستَحِقّ العِقابَ مَنْ داسَ اَبنَ اللهِ ودَنّسَ العَهدَ الذي تَقَدّسَ بِه واَستَهانَ بِرُوحِ النّعمَةِ؟ فنَحنُ نَعرِفُ الذي قالَ: «ليَ الانتِقامُ وأنا الذي يُجازي». وقالَ: أيضًا: «الرّبّ سيَدينُ شَعبَهُ». فالوَيلُ لِمَنْ يقَعُ في يَدِ اللهِ الحَيّ» (عبرانيين ١٠ :٢٨-٣١).

 

يبدو واضحا من هذه الآيات أن الرهبة من الحكم محجوزة للخاطئ، خصوصا لمن يختار أن يستمر في خطيئته بعد معرفة الحقيقة. ولكن قد أخطأنا جميعا، ونحن نستمر في أن نأتي ناقصين عن مثالية الله (انظر رومية ٣ :٢٣). هل هناك أي أخبار سارة عن الحكم؟

 

في المقام الأول، إنها تساعد على إلقاء نظرة على وصف الكتاب المقدس للخطيئة. نفس الرسول الذي يتحدث عن الاقتراب من الحكم دون خوف يعرف الخطيئة بأنها «التعدي على القانون» (١ يوحنا ٣ :٤). يكون من شأن ترجمة يوحنا اليونانية الأكثر دقة من كلمة واحدة الخروج عن القانون. الإصدار القياسي المنقح يقول: «كل من ارتكب الخطيئة مذنب بالخروج عن القانون؛ الخطية هي التعدي».

 

ليس المقصود من الخطيئة هي الفشل في الارتقاء إلى عمل هذا أو ذاك المحدد. بل هي روح الفوضى، وهذا موقف من التمرد، وعدم الرغبة في الاستماع إلى الله أو إلى الاستجابة لتعليماته.

 

ولكن أليس صحيحا أنه في يوم القيامة سوف تدرس سلوكنا وسوف يتم قياسها من قبل شريعة الله؟ بعد الاطلاع على إهدار سنوات عديدة من حياته، جاء سليمان إلى هذا الاستنتاج: «اتق الله، واحفظ وصاياه، لأن هذا هو واجب كل إنسان. ولأن الله سيحاسب كل عمل إلى الدينونة، على كل خفي، سواء خيرا أو شرا» (سفر الجامعة ١٢ :١٣، ١٤).

 

تم إظهار مسرح الحكم ليوحنا. «ثُمّ رأَيتُ عَرشًا أبـيضَ عَظيمًا، ورأَيتُ الجالِسَ علَيهِ، وهوَ الذي هَرَبَتْ مِنْ أمام وَجهِهِ الأرضُ والسماءُ وما بَقِـيَ لهُما أثَرٌ. ورأَيتُ الأمواتَ كِبارًا وَصغارًا واقِفينَ أمامَ العَرشِ. واَنفَتَحتِ الكُتُبُ، ثُمّ اَنفَتَحَ كِتابٌ آخَرُ هوَ كِتابُ الحياةِ، وعُوقِبَ الأمواتُ مِثلَما في الكُتُبِ، كُلّ واحِدٍ بأعمالِهِ» (رؤيا ٢٠ :١١، ١٢).

 

وذكر بولس المؤمنين «فإننا جميعا سوف نقف أمام كرسي ٱلمسيح،… على هذا النحو كل واحد منا سيعطي عن نفسه حسابا لله» (رومية ١٤:١٠-١٢). وفي رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين نصحنا بأن لا ننسى أن «ليس هناك ما يمكن أن يخفى من الله؛ كل شيء عريان في كل الخلق وتقع مفتوحة أمام عينيه. وأننا يجب أن نقدم له كل حساب من أنفسنا» (عبرانيين ٤ :١٣).

 

وكم يتوقع الله منا؟ ومن سوف يتم الحكم عليه آمن على السمح له بالدخول لملكوته؟ رد يعقوب، «هكذا تصرفوا في القَول والعمل مثل أولئك الذين هم أن يحكم عليهم وفقا لقانون الحرية» (يعقوب ٢ :١٢). كما ترجمة الأخبار السارة يقول، «تصرفوا في القَول والعمل مثل أولئك الذين سيحكم عليهم من خلال القانون الذي يحررنا».

 

يتم تعريف قانون التحرير هذا بشكل واضح في رسالة يعقوب. «مَا أَحْسَنَ عَمَلَكُمْ حِينَ تُطَبِّقُونَ تِلْكَ الْقَاعِدَةَ الْمُلُوكِيَّةَ الْوَارِدَةَ فِي الْكِتَابِ: «تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَمَا تُحِبُّ نَفْسَكَ!» وَلكِنْ عِنْدَمَا تُعَامِلُونَ النَّاسَ بِالانْحِيَازِ وَالتَّمْيِيزِ، تَرْتَكِبُونَ خَطِيئَةً وَتَحْكُمُ عَلَيْكُمُ الشَّرِيعَةُ بِاعْتِبَارِكُمْ مُخَالِفِينَ لَهَا. فَأَنْتُمْ تَعْرِفُونَ أَنَّ مَنْ يُطِيعُ جَمِيعَ الْوَصَايَا الْوَارِدَةِ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى، وَيُخَالِفُ وَاحِدَةً مِنْهَا فَقَطْ، يَصِيرُ مُذْنِباً، تَمَاماً كَالَّذِي يُخَالِفُ الْوَصَايَا كُلَّهَا. فَإِنَّ اللهَ، مَثَلاً، قَالَ: «لاَ تَزْنِ» كَمَا قَالَ: «لاَ تَقْتُلْ!» فَإِنْ لَمْ تَزْنِ، وَلكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ خَرَقْتَ الشَّرِيعَةَ». حتى لو كنت لا تزن، أصبحت لك ومنتهك القانون إذا كنت ارتكاب جريمة قتل» (الآيات ٨-١١).

 

قانون الحرية الملكي هذا هو بوضوح تام نفس قانون جبل سيناء المعطى إلى اسرائيل وسط الرعد والبرق. أحيانا يقترح أنه يتم أولا العثور على قانون الحب في العهد الجديد. ولكن علم موسى الشعب «فأحب المولى إلهك بكل قلبك، وكل نفسك وكل قدرتك»، و«لا تكره أخاك في قلبك،… بل أحب الآخرين كما تحب نفسك» (تثنية ٦ :٥؛ سفر اللاويين ١٩ :١٧، ١٨). ذهب موسى إلى أبعد من ذلك: «لا تسيئون معاملة الأجانب الذين يعيشون في أرضكم. عاملوهم كزميل اسرائيلي، وأحبوهم كما تحبوا انفسكم» (الآيات ٣٣، ٣٤).

 

عندما سأل محامي يسوع: «أية وصية هي العظمى في الشريعة؟» كرر الرب ببساطة تعاليم موسى (متى ٢٢ :٣٤-٤٠). فهم بولس الوصايا العشر في نفس الطريقة. بعد سرد العديد من الوصايا العشر، أوجز بالقول أنه «من يحب جاره قد أوفى الشريعة …. الحب لا يفعل الخطأ إلى أحد الجيران، وبالتالي الحب هو الوفاء بالشريعة» (رومية ١٣ :٨، ١٠).

 

ثم، لمساعدتنا في فهم معنى الحب الحقيقي، كتب بولس ١ كورنثوس ١٣. «المَحَبَّةُ تَصبِرُ. المَحَبَّةُ تُشفِقُ. المَحَبَّةُ لا تَحسِدُ. المَحَبَّةُ لا تَتَباهَى. المَحَبَّةُ لا تَنتَفِخُ بِالكِبرِياءِ، وَلا تَتَصَرَّفُ دُونَ لَياقَةٍ. المَحَبَّةُ لا تَسعَى إلَى تَحقِيقِ غاياتِها الشَّخصِيَّةِ. المَحَبَّةُ لَيسَتْ سَرِيعَةَ الاهتِياجِ، وَلا تَحفَظُ سِجِلّاً لِلإساءاتِ. المَحَبَّةُ لا تَفرَحُ بِالشَّرِّ، بَلْ تَفرَحُ بِالحَقِّ. المَحَبَّةُ تَحمِي دائِماً، وَتُؤمِنُ دائِماً، وَتَرجُو دائِماً، وَتَحتَمِلُ دائِماً» (الآيات ٤-٧).

 

كيف بحث مترجمين العهد الجديد للحصول على أفضل طريقة للتعبير عن معنى كلمات بولس اليونانية في هذا المقطع الشهير! هنا نسخة فيليبس: «هذا الحب الذي أتحدث عنه بطيء ليفقد الصبر، فإنه يبحث عن وسيلة لكونها بناءة. فإنه ليس متملك: إنه لا يقلق للإقناع ولا يعتز بأفكار تضخم أهميته الخاصة.

 

«الحب لديه حسن الخلق ولا ميزة متابعة الأنانية. أنه ليس حساس. لا يبقي حساب الشر أو الشماتة لشر الآخرين. على العكس من ذلك، يشارك فرحة أولئك الذين يعيشون بالحقيقة.

 

«الحب لا يعرف حدود لتحمله، لا نهاية لثقته، لا تلاشي لأمله؛ يمكنه أن يصمد أكثر من أي شيء. الحب لا يفشل أبدا».

 

تخيل العيش في مجتمع حيث يمكن وصف حياة كل مواطن بالوصايا العشر و١ كورنثوس ١٣! لا أحد أبدا يقتل أو يكره أو يكذب أو يسرق؛ ولا أحد يريد حتى أن يؤذي أي شخص آخر. اعتبار الجميع بعضهم البعض بالحب الصادق، ثقة، والاحترام. ليست هناك حاجة للسجون، لا لشرطة في كل زاوية. يمكن لزوجاتنا وبناتنا السير في الشوارع وحدهم في أي ساعة. الجميع آمن تماما وحر.

 

هذا هو السبب أن شريعة الله تسمى قانون الحرية الملكي. لا يطلب منا الله أن نفعل أي شيء ليس أفضل خير لنا. انه لا يقيم اي شيء أعلى من حريتنا. فكر في الثمن الذي دفعه ليعطينا حريتنا مرة أخرى! ولكن لا يمكن أن يكون هناك حرية بدون حب والنظام والانضباط الذاتي المتبادل والثقة الكاملة.

 

الخطيئة هي الرفض المتمردة لشريعة الله. الخطيئة هي الكره، الكذب، السرقة، الغش. الخطيئة هي الإصرار المتغطرس على وجود طريقة واحدة نفسها. الخطيئة هي عدم الرغبة العنيدة للاستماع إلى كلمات الشفاء من خالقنا. الخطيئة، في جوهرها، هي روح الفوضى.

 

فإن السبيل الوحيد الذي يمكن لله ان يسمح للمتمردين بالدخول إلى مملكته يكون لتحويل الجنة إلى سجن، للحفاظ على الخطأة في الحبس الانفرادي، خشية أن تؤذي وتدمر بعضها البعض. ولكن يمكن أن نثق بأن الله لن يتخلى أبدا عن الحرية. في ابنه أعطى حياته للحفاظ على الكون حر. انه ليس لديها خطط ليصبح مدير السجن. وقد وعد شعبه الوفي بكون خالي من الخطيئة، منزل غير مهدد من السلامة والسلام. يمكننا الثقة به في الإصرار على الطاعة إلى الأبد لقانون الحرية الملكي. هذا لن يحرمنا من حريتنا. فإنه يضمن حريتنا إلى الأبد.

 

يمكن لله أن يسمح فقط بالدخول إلى مملكته الأشخاص الذين يمكن الوثوق بهم مع جميع الامتيازات من الحرية. هذا هو السبب في أن خطة الخلاص تقدم أكثر من مجرد الغفران. لن تكون الجنة مأهولة مع المجرمين المعفو عنهم ولكن القديسين الذين تحولوا. هذا هو السبب الذي قال فيه يسوع لنيقوديموس انه في حاجة للتحويل، أن يكون هذا التغيير من القلب والحياة التي على ما يبدو كما لو أنه ولد من جديد (راجع يوحنا ٣ :١-١٠).

 

شرح يسوع أن هذه التجربة الرائعة للشفاء هو عمل الروح القدس، معلم الحب والحقيقة. ويوحنا يصف كيف يجوز لنا معرفة ما إذا كان الشفاء قد بدأ: «لا أحد ولد من الله يرتكب خطيئة» (١ يوحنا ٣ :٩). أو بتعبير أدق من اليونانية: «لا أحد ولد من الله يستمر على الخطيئة» فيليبس يترجم ذلك: «إن الرجل الذي هو في الحقيقة ابن الله لا يمارس الخطيئة». كما يقول يوحنا في الآية ٦، «الرجل الذي يعيش (في المسيح) لا يخطئ بصورة اعتيادية» (فيليبس).

 

الخطيئة هي التعدي، التمرد. الاستمرار في حالة من الفوضى المعتادة يعني أن الشخص لا يزال يقاوم الحقيقة، لا يزال غير راغب في الثقة والسماح لله ليشفي. ولكن في الشخص الذي ولد من جديد، الإيمان قد اتخذ مكان عن التمرد، هناك الحب بدلا من الخروج على القانون، هناك شوق إلى أن تلتئم تماما.

 

يوحنا يفسر المزيد من أنه يمكننا «أن نعرف اننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة، لاننا نحب الإخوة» (١ يوحنا ٣ :١٤) واحدة من أول أعراض الشفاء من الخلاص هو شأن جديد وحب إخواننا من البشر. دون هذا الحب لدينا سبب للتشكيك في صدق تحويلنا على الرغم من إعلان الايمان بالله. «إذا كان أي واحد يقول، (أنا أحب الله،) ويغض أخاه، فهو كاذب؛ لأنه من لا يحب أخاه الذي أبصره، كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره» (١ يوحنا ٤ :٢٠).

 

اعتادت أمي على اقتبس هذه الآية عندما كنا أطفال لا نزال جميعا في المنزل. حيث أن كنت اكبر عمر من أشقائي الأربعة، يبدو انها كانت قد اعتادت بتوجيه هذه الكلمات لي. المنطق يبدو دائما لا مفر منه.

 

مثل هذا التغيير الذي يحدث في المؤمن هو نقطة تحول حاسمة في حياته أن يسوع قال انه يجب الاحتفال به وأكدت بحفل مناسب. أوعز بأنه ينبغي تعميد أتباعه. في الواقع، انه جعل هذا الجزء من المهمة العظمى لأخاذ الإنجيل إلى كل العالم (متى ٢٨ :١٩).

 

قدم بولس فهمه لمعنى هذا الحفل الكبير (انظر رومية ٦ :١-١١). المعمودية، شرح، تمثل دفن العادات القديمة من الخطيئة، النهاية لعدم الايمان المتمردة، الاعتراف بأن تكلف وفاة ابن الله للتخلص من الخطيئة. ثم، تماما كما ارتفع المسيح من القبر، وعاد إلى أبيه، وبالتالي فإن ارتفاع المسيحي من ماء المعمودية إلى طريق جديد للحياة.

 

رمز المسيحيين الأوائل لهذه التجربة بأن يكونوا مغمورين تحت الماء. خلال السنوات الماضية تم اعتماد أساليب أخرى على نطاق واسع على أنها أكثر ملاءمة. من المهم أن نلاحظ هذه الملاحظة في هامش الترجمة الكاثوليكية ١٩٥٦ للعهد الجديد من كلايست ويللي. المرجع هو تفسير بولس للتعميد في رومية ٦ :٣: «بولس القديس يلمح إلى الطريقة التي منحت عادة التعميد في الكنيسة البدائية، عن طريق الغمر. النزول في الماء هو يوحي عن نزول الجسم في القبر، والصعود هو يوحي عن قيامة لحياة جديدة».

 

ماذا عن المؤمن الذي يقع في المعصية بلا مبالاة، الذي يكشف في لحظات بدون حراسة بعض الصفات القديمة نفسها انه يتأسف كثيرا لمناسبة معموديته؟ هل هذا يعني انه لم يتم تحويله؟

 

أجاب يوحنا عن هذا عندما كتب للمبتدئين المكافحون، «أطفالي، أنا أكتب هذه الأشياء لكم، لمساعدتكم على تجنب الخطيئة. ولكن إذا كان يجب على الرجل أن يخطئ، تذكروا أن لدينا مدافع عند الآب هو يسوع المسيح وهو بار، الواحد الذي قدم لنا للتكفير الشخصي عن خطايانا» (١ يوحنا ٢ :١، ٢، ترجمة فيليبس).

 

حتى موسى، الذي تحدث إلى الله وجها لوجه فقد أعصابه في فخر الآثم على بعد خطوات قليلة من أرض الميعاد. ولكن موسى لم يكن متمرد كافر. كان واحدا من أفضل أصدقاء الله من أي وقت مضى على هذه الأرض الآثمة. كيف تاب موسى من ما قام به! فقط عندما رغب الله أن يكشف عن نفسه لشعبه المتذمر كمزود كريم لجميع احتياجاتهم على الرغم من كل شكاويهم الجاحدة موسى بغضبه أساء تمثيل شخص الله على نحوه بلا رحمة وشديد.

 

وقال الله لموسى: «لأنكما … كنتما غير مخلصين لي في حضور شعب إسرائيل … [و] لم تقدساني في حضور الشعب، … فأنت لن تدخل الأرض التي أنا أعطيتها لشعب إسرائيل» (تثنية ٣٢ :٥١، ٥٢).

 

لا يمكن لله أن يأخذ خطيئة جارحة جدا ببساطة. تشويه الحقيقة عن الله هو أشد ضررا من كل الذنوب. ولكن كيف الله عزى وكرم صديقه التائب! أخذ موسى إلى ثقته في أكثر من أي وقت مضى كما أنهما تحدثا معا حول الخطط المستقبلية. يقول الكتاب المقدس أن الله نفسه أخيرا دفن صديقه القديم (تثنية ٣٤ :٦)، ثم جاء في وقت قريب إلى نقله إلى الجنة (يهوذا ٩). بعد عدة سنوات، عندما كان يسوع هنا في مهمته الوحيدة، طلب الله من موسى، صديقه الموثوق به، أن ينزل و يشجع ابنه! (انظر متى ١٧ :١-٨).

 

هذا هو الله الذي نواجه في يوم القيامة. يقف إلى جانبه الواحد الذي كان كريما جدا لبطرس، مريم، وسيمون، وحتى ليهوذا. يوحنا يدعوه لدينا «داعية عند الأب» (١ يوحنا ٢ :١). بولس يصفه بالمتوسط بالنيابة عنا (رومية ٨ :٣٤؛ انظر أيضا عبرانيين ٧ :٢٥).

 

ولكن قال يسوع لتلاميذه انه لا حاجة له لمناشدة الأب بأن يكون كريما مع أولاده. «وَلَسْتُ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي أَطْلُبُ إِلَيْهِ عَنْكُمْ. فَإِنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ» (يوحنا ١٦ :٢٦، ٢٧، ترجمة غودسبيد). هل يكون يسوع يتوسل مع الروح القدس؟ بولس يصف الشخص الثالث للربوبية على نحو الانضمام مع الآب والابن بالعمل في نيابة عنا: «وكذلك الروح يساعدنا في ضعفنا، لأننا لا نعرف كيفية الصلاة كما يجب علينا، ولكن الروح نفسه يشفع لنا بتتنهد عميق جدا على الكلمات» (رومية ٨ :٢٦).

 

والاخبار السارة هي أن الآب والابن، والروح القدس كلهم في صالحنا في الحساب. كما أنهم واحدة مع بعضهم البعض، لذلك هم واحد مع جميع المؤمنين الموالين في تلبية اتهامات عدونا المشترك (انظر يوحنا ١٧ :٢٠-٢٣).

 

لدينا عدو في يوم القيامة. يوحنا يدعوه «متهم إخواننا، الذي يتهمهم أمام إلهنا ليلا ونهارا» (رؤيا ١٢ :١٠). كما اتهم الشيطان الله قبل المجلس السماوي، لذلك فهو يتهم شعب الله الآن. اتهم أيوب قبل المجلس السماوي (أيوب ١ :٨-١١) ويشوع، رئيس الكهنة، في حضور الرب (زكريا ٣ :١، ٢).

 

الشيطان يعرف كل الخطايا الذي يميل بنا إلى ارتكابها، ويمكنه تقديم هذه قبل الملائكة كدليل على أننا لا نصلح ليتم حفظنا. إذا كان الأمر يتعلق بتدميره، يجادل بأن، العدالة تطالب بأن يهلك الخطأة أيضا.

 

من الذين يدافع عنا ضد مثل هذه الاتهامات؟ عندما اتهم الشيطان الله، اضطر للكذب. عندما يروي خطايانا، فانه يقول الحقيقة.

 

بولس يجيب على هذا السؤال في رسالته إلى روما: «مَادَامَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ يَكُونُ عَلَيْنَا؟ ذَاكَ الَّذِي لَمْ يُمْسِكْ عَنَّا ابْنَهُ، بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا جَمِيعاً، كَيْفَ لاَ يَجُودُ عَلَيْنَا مَعَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ أَيْضاً؟ وَمَنْ سَيَتَّهِمُ مُخْتَارِي اللهِ؟ إِنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ، فَمَنْ ذَا يَدِينُ؟ إِنَّهُ الْمَسِيحُ يَسُوعُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالأَحْرَى قَامَ، وَهُوَ أَيْضاً عَنْ يَمِينِ اللهِ، وَهُوَ يَشْفَعُ فِينَا أَيْضاً» (رومية ٨ :٣١-٣٤).

 

أعلن الله أن أيوب رجل «مثالي ومستقيم»، ليس لأنه عاش حياة بلا خطية، ولكن بسبب ثقته والإيمان. سمح للشيطان باختبار أيوب إلى الحد الأقصى، ولكن يمكن ألا يزال أيوب يبكي في الإيمان، «حتى إن قتلني، يبقى أملي فيه» (أيوب ١٣ :١٥، طبعة الملك جيمس). الله قد توقع في جلسة استماع المجلس السماوي أن أيوب لن يخذله، و أيوب كرم الثقة التي أولاه إياها الله.

 

ما يبحث عنه الله هو الإيمان. كان لا بد من الحكم علينا، كما اصر الشيطان، في سجل حياتنا الخاطئة، ليس لشخص واحد على هذا الكوكب يمكنه اجتياز الاختبار. لكن، الله ليس قلقا، مع ماضينا الخاطئ ولكن مع هذا النوع من الناس نحن الآن.

 

هل قد فزنا مرة أخرى إلى أن نثق به؟ هل نحن على استعداد للاستماع وقبول مغفرته؟ هل أننا نثق به بما يكفي للسماح له لشفائنا؟ هل نحن، مثل داود، نرحب بالروح القدس لخلق قلوب وأرواح صحيحة جديدة فينا؟ هل يمكن الوثوق بنا بامتيازات الحرية والحياة الأبدية؟

 

هل قد ذهبت جميع التمردات، وهل أخذ الحب مكانها؟ كما مزيد من الضوء قد جاء، هل نقول دائما نعم للحقيقة؟ لدينا الكثير بعد لمعرفة المزيد عن إلهنا اللانهائي. فنحن قد نعرف اللاهوت اقل من اللص على الصليب، ولكن إذا كنا نحب، نعجب، ونثق في المسيح كما فعل ذلك في يوم الصلب، فنحن مأمون بنا بأن يسمح لنا بالدخول للمملكة (انظر لوقا ٢٣ :٣٩-٤٣). مثل مريم، سوف تكون لدينا أكبر فرحة للجلوس عند قدمي يسوع ونستمع له يخبرنا المزيد عن الآب.

 

الناس الذين لا يستطيع المسيح بالدفاع عنهم في يوم القيامة هم أولئك الذين لا تزال حياتهم توصف بدقة من قبل سجلات خطاياهم الماضية. لم يكن هناك أي تغيير حقيقي. أنهم يفضلون الظلمات عن النور، أكاذيب الشيطان عن معرفة الحقيقة. لقد رفضوا الأخبار السارة. تمردهم لم يشفى.

 

شرح يسوع لنيقوديموس أنه لا يوجد شيء تعسفي عن الحكم. كل هذا يتوقف على كيفية اختيار كل شخص للرد على الحقيقة. الله يتوق إلى حفظ كل أبنائه، ولكن القرار للثقة به هو مسؤوليتنا.

 

«أحب الله كل الناس لدرجة أنه بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل ينال حياة الخلود. لأن الله أرسل ابنه إلى الناس لا ليعاقبهم بل لينجيهم.

 

«من يؤمن به لا يعاقب، ومن لا يؤمن به فقد صدر ضده العقاب، لأنه لم يؤمن بابن الله الوحيد. وهذا هو أساس العقاب: جاء النور إلى العالم، فأحب الناس الظلام بدلا من النور، لأن أعمالهم شريرة. كل من يعمل الشر يكره النور، ولا يخرج إلى النور لئلا تنكشف أعماله. وأما من يسلك بالحق، فيخرج إلى النور لكي يظهر بوضوح أنه يعمل ما يعمله بقوة الله» (يوحنا ٣ :١٦-٢١).

 

وشرح يسوع في وقت لاحق أكثر فأكثر لتلاميذه أن مسألة الحكم في ما إذا كنا قد نختار أن نثق في الله: «من يؤمن بي، يؤمن بالذي أرسلني، لا بي أنا وحدي. ومن رآني، رأى الذي أرسلني. أنا النور الذي جاء إلى العالم، فكل من آمن بي لا يبقى في الظلام. من يسمع كلامي ولا يعمل به، فأنا لا أحكم عليه. لأني جئت، لا لأحكم على الناس، بل لأنقذ الناس. من يرفضني ولا يقبل كلامي، له من يحكم عليه: كلمتي التي أنادي بها ستحكم عليه في اليوم الآخر» (يوحنا ١٢ :٤٤-٤٨).

 

عند انتهاء الحكم، يبتعد الله بحسرة من أولئك الذين ما زالوا يرفضونه بأنه غير جدير بالثقة. مفضلين البقاء في الظلام، أنهم فقدوا قوة البصر. وحي أكثر، إقناع أكثر، انضباط أكثر لا شيء سيكون من أي منفعة. هذا هو معنى هذا التحذير في العبرانيين ١٠ :٢٦، ٢٧: «فإذا خَطِئنا عَمْدًا، بَعدَما حَصَلْنا على مَعرِفَةِ الحَقّ، … بَلِ اَنتِظارٌ مُخيفٌ لِـيَومِ الحِسابِ ولَهيبُ نارٍ يَلتَهِمُ العُصاةَ». وعلى مثل هؤلاء المتمردون المؤكدة يصرخ الآب كما فعل في أيام هوشع، «إِنَّ إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ عَنِيدٌ كَعِجْلَةٍ جَامِحَةٍ،…. إِنَّ أَفْرَايِمَ مُكَبَّلٌ بِعِبَادَةِ الأَصْنَامِ، فَاتْرُكُوهُ وَحِيداً» (هوشع ٤ :١٦، ١٧).

 

لو كان هذا قرار تعسفي، قانوني، قد يأمل الخطأة الضالين في «عقد صفقة» مع الله، إلى «صفقة حجة» مع الرب. توقع يسوع أن البعض ستنشأ في قيامة الاشرار وترتعب لتجد أنهم ليسوا من بين المحفوظين. ستناشد مع المخلص، «يا رب، يا رب، افتح لنا. أليس باسمك تنبأنا وباسمك طردنا الشياطين وباسمك العظيم عملنا العديد من المعجزات؟ فكر في كل العشور التي دفعناها، وجميع القرابين التي قدمناها تكفي لشراء العديد من التذاكر إلى المملكة!»

 

لكن الرب يجيب للأسف، «أنا أعرف ما قمتم به. ولكنكم فعلتم كل ذلك للسبب الخاطئ. أنتم خدمتموني فقط لأنكم تخشوني بصفتي تعسفي بلا رحمة، وشديد. اذهبوا بعيدا! اني لم اعرفكم قط. نحن لم نكن حقا أصدقاء» (انظر متى ٧ :٢١-٢٣؛ ٢٥ :١١، ١٢). والصداقة الحقيقية هي ميزة أساسية يرغبها الله في علاقتنا معه.

 

أكثر من خمسة وعشرين مائة سنة مضت أعطيت رؤية عن الحكم في الجنة للنبي دانيال، وكتب من هذا الوصف الحي:

 

وَبَينَما كُنتُ أُراقِبُ،

أُقِيمَتْ عُرُوشٌ،

وَجَلَسَ قَدِيمُ الأيّامِ.

كانَتْ ثِيابُهُ بَيضاءَ كَالثَّلجِ،

وَشَعرُهُ أبيَضَ كَالصُّوفِ النَّقِيِّ.

كانَ عَرشُهُ لُهُباً مِنَ النّارِ،

وَعَجَلاتُ عَرشِهِ كَالنّارِ المُلتَهِبَةِ.

كانَ نَهرُ نارٍ يَتَدَفَّقُ مِنْ أمامِهِ.

وَأُلُوفٌ وَمَلايِينٌ مِنَ المَلائِكَةِ يَقِفُونَ أمامَهُ.

فَجَلَسَ قَدِيمُ الأيّامِ لِلقَضاءِ،

وَفُتِحَتْ أسفارٌ….

وَبَينَما كُنتُ أُشاهِدُ كُلَّ هَذِهِ الأُمُورَ فِي حُلمِي،

فَجأةً جاءَ شَخصٌ عَلَى سُحُبِ السَّماءِ،

وَكانَ شَبِيهاً بِالإنسانِ.

فَجاءَ إلَى قَدِيمِ الأيّامِ

وَمَثَلَ أمامَهُ.

وَأُعطِيَ سُلطاناً

وَمَجداً وَمُلكاً،

فَسَتَخدِمُهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَاللُّغاتِ.

سُلطانُهُ سَيَدُومُ إلَى الأبَدِ،

وَمُلْكُهُ لَنْ يَنتَهِيَ

وَلَنْ يُدَمَّرَ أبَداً.

دانييل ٧ :٩، ١٠، ١٣، ١٤.

 

سيكون هذا الوصف المرعب رهيبا إذا لم نكن نعرف الاخبار السارة. يسوع هو هناك، مذكرا مستواه الإنساني المتفرجين بما فعله لإسكات اتهامات الشيطان والفوز بنا الخطأة إلى الإيمان. وكما ننظر إلى الأب يجلس هناك في جلالته الرهيبة، هناك ترن في آذاننا تلك الكلمات الرائعة من ربنا: «إذا رأيتموني، رأيتم الآب. ليست هناك حاجة بالنسبة لي لمناشدته بالنسبة لكم، لأن الأب يحبكم تماما مثلما أنا نفسي احبكم».

 

ونحن على ثقة بأن الله يكون صديقنا في الحكم. كما انه أبانا هو غيور لسمعتنا. لسنا بحاجة إلى الخوف من تلك السجلات من خطايانا. انه سيصرفهم بكل سرور بأنهم غير ذي صلة و بالية. كل ما يطلب منا هو الإيمان أن نحب ونثق به بما فيه الكفاية للسماح له بأن يغفر لنا، ويشفينا، ويعطينا الحياة الأبدية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *